Page 99 - Amna_ Hiat Arabic
P. 99
وتتجـــه الحكومـــات الواعيـــة إلى إضفـــاء الطابع الفلســـفي ينـــدرج تحـــت هـــذه القطاعات الخمســـة جميـــع القيـــم الأمنية
لمفهـــوم التـــراث المحلـــي بجميع مجالاتـــه ،ووضـــع معايير المتعلقة بـــكل قطاع ،بحيث تعنى الدولـــة بحماية القطاعات
لثقافـــة المركـــز وثقافـــة الأطـــراف ،أو الثقافـــة الرئيســـة الكليـــة لضمـــان وصولهـــا للمجتمـــع وللأفـــراد مجـــزأة وهـــي
والثقافـــات الفرعيـــة دون الخلـــط بينهمـــا ،ومنـــح الأشـــياء مشـــمولة بضمانـــة الدولـــة ،مـــا يحميهـــا مـــن الحالـــة الهشـــة
معانـــي جديـــدة ،بحيـــث يعـــاد إنتـــاج الثقافـــة بمفهومهـــا
الشـــامل كالفنون واللغـــة المحكية .وتكون منغرســـة في التـــي تعانيهـــا كثيـــر مـــن المجتمعات.
حياتنـــا اليوميـــة وتشـــكل جز ًءا مـــن هوية المجتمـــع .وهذا وإذا كان الأمـــن واض ًحـــا فـــي القطاعـــات الخمســـة ،فإنـــه غيـــر
أكثـــر مـــا نفتقـــده فـــي تاريخنـــا العربـــي المعاصـــر ،وتراثنـــا واضـــح فـــي القطـــاع المجتمعـــي؛ وذلك بســـبب بعـــد العلاقة
التـــي تربـــط بيـــن الأمـــن وهويـــة الإنســـان مثـــل دينـــه ولغته
المـــادي وغيـــر المادي. وثقافتـــه وفلكلـــور مجتمعـــه وعاداتـــه .لذلـــك نجـــد أن أولـــي
إن العالـــم الـــذي نعيشـــه الآن يتغيـــر بســـرعة كبيـــرة مـــع ويفـــر -وهـــو الباحث الرئيـــس المنظر للأمـــن المجتمعي في
تناقضـــات حـــادة ويتعـــرض لمؤثرات تتســـبب فـــي تحولات مدرســـة كوبنهاجـــن لأبحـــاث الأمن والســـام -يشـــير إلى أن
أمنيـــة جديـــدة ،مـــا يتطلـــب مـــن مراكـــز الدراســـات الأمنية الأمـــن المجتمعـــي يعني قـــدرة المجتمـــع على الحفـــاظ على
وأبحـــاث الجريمـــة أن توســـع مجـــالات اهتماماتها مـــن الأمن شـــخصيته الجوهرية في ظل التهديـــدات المحتملة ،والقدرة
الصلـــب إلـــى الأمـــن الســـائل ،لتشـــمل دراســـات الحيـــاة على الاســـتدامة والاســـتمرارية لنماذجها التقليدية من اللغة
اليومية والتنمية وتغير القيم والتنبؤ بمســـتقبل ســـلوك
الإنســـان والمؤسســـات ،كما عليها أن ترصـــد تحولات الأمن والثقافـــة والتقاليـــد والديـــن والهويـــة القومية.
الســـيبراني في كثافة الاســـتعانة العالمية بتسيير الحياة وعلـــى الرغـــم مـــن أن نظرية ويفر نشـــرت بعد انتهـــاء الحرب
اليوميـــة عـــن بعـــد في أثنـــاء جائحـــة كورونا ،وظهـــور قيم العالميـــة البـــاردة ،إلا أن مـــا تبعهـــا مـــن تحـــولات فـــي العالـــم
أكـــدت أهميتهـــا ،مثل :العولمـــة وتدفق المعلومـــات والأفكار
اجتماعيـــة واقتصاديـــة جديدة. والســـلع والخدمات بشـــكل يصعب الســـيطرة عليـــه ،ويبدو
أن ذلك بســـبب تســـارع تطـــور التقنية
ومنصـــات التواصـــل الاجتماعي ،إضافة
إلـــى تطويـــر وســـائل النقـــل العـــام
وكثافتهـــا ،وزيـــادة أعـــداد الشـــركات
العابـــرة للحدود.
ويؤكـــد ويفـــر أن المهـــددات التـــي
يتعـــرض لهـــا المجتمـــع ،أكثـــر مـــن
المهـــددات التـــي تتعـــرض لهـــا
الدولـــة؛ وذلـــك لأنـــه يمكـــن أن تتغيـــر
المؤسســـات وأنظمـــة الحكـــم لكـــن
دون أن تـــزول ســـيادتها ،أمـــا ُهويـــة
المجتمعـــات فهـــي ُمهـــددة بالـــزوال
نتيجـــة عوامـــل كثيـــرة ،مثـــل :تزايـــد
الهجـــرات ،وســـيادة الثقافـــة والفنـــون
والقيـــم الدخيلـــة علـــى المحليـــة ،مـــا
يهـــدد الهويـــة المجتمعيـــة والوطنية
بفقـــدان الأمـــن والشـــعور بالاغتـــراب،
ثـــم بروز الشـــعور بالعنصريـــة وظهور
العرقيـــة.
99